إعادة النظر في التاريخ: التفاصيل المتشابهة بين الحروب في لبنان وغزة
التدخل الأمريكي في الأزمات الإسرائيلية الفلسطينية
تدخل رئيس الولايات المتحدة، بعد أشهر من التحفيز الضمني، لإنهاء عملية عسكرية إسرائيلية أدت إلى دمار واسع في مدينة من الشرق الأوسط، مما أسفر عن مقتل الآلاف وأثار غضبًا عالميًا. لقد بقيت الأمم المتحدة عاجزة تشاهد القصف الإسرائيلي وتعرض المباني السكنية ومخيمات اللاجئين على الساحل المتوسطي. تشير تصريحات المسؤولين الإسرائيليين إلى أن الهدف من هذه العملية العسكرية هو ما وصفوه بــ”مملكة الإرهاب”. جاءت هذه الهجمات بعد سلسلة من الهجمات على إسرائيل.
في ظل الضغط من البيت الأبيض، وافق رئيس الوزراء الإسرائيلي، وهو شخصية يمينية تتمتع بقدرة على الخطاب الشعبي وإحساس قوي بمهمة صهيونية تاريخية، على وقف إطلاق النار. كما وافقت الفصائل الفلسطينية المسلحة، التي واجهت قوة نارية إسرائيلية هائلة. سيتم الآن إجبار تلك الفصائل على نزع السلاح، وسيجد كثير منهم أنفسهم في المنفى. يتم تنظيم قوة لحفظ السلام من قبل الولايات المتحدة لتثبيت الوضع.
عام 1982 كمرجع تاريخي
لم يكن العام 2025، بل كان عام 1982. المدينة ليست غزة، بل بيروت. الرئيس لم يكن دونالد ترامب، بل رونالد ريغان. ورئيس الوزراء الإسرائيلي ليس بنيامين نتنياهو، بل مناحيم بيغن، وكان الهدف من العملية العسكرية الإسرائيلية هو ياسر عرفات ومنظمة التحرير الفلسطينية، وليس حماس.
إن هناك العديد من الاختلافات بين ما حدث في لبنان قبل أكثر من أربعة عقود وما حدث في غزة خلال العامين الماضيين. الهجوم الذي شنته حماس في أكتوبر 2023، والذي أسفر عن مقتل 1200 شخص واختطاف 250 آخرين، لا يقارن بمحاولات منظمة التحرير الفلسطينية المحدودة خلال السنة التي سبقت الغزو الإسرائيلي للبنان، حيث تقدر الأعداد في تلك الفترة بحوالي 20000 قتيل، وهو أقل من ثلث العدد في غزة.
الرموز الرئيسية وتأثير الإعلام
كان رد فعل ريغان على المجازر في بيروت، عندما اتصل ببيغن ليخبره إن ما يحدث يعتبر “هولوكوست”، مشيرًا إلى أن علاقات الدولتين قد تتأثر بشدة إذا استمر العنف. في الوقت الحاضر، اتخذ ترامب خطوة مماثلة، معتبراً أن الصور المروعة للأطفال الجائعين تمثل كارثة دعائية لإسرائيل.
في عام 1982، جلبت الحرب معاناة مرئية إلى شاشات التلفزيون، مما جعلها واحدة من أولى الحروب العربية الإسرائيلية التي تتم تغطيتها دون رقابة. في المقابل، على الرغم من حظر إسرائيل للصحفيين الدوليين من دخول غزة، إلا أن تأثير الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي كان له بالغ الأثر.
تأثير ما بعد الهدنة في لبنان
ما حدث بعد مكالمة ريغان ووقف إطلاق النار في بيروت يعتبر درسًا هامًا. فقد تشتت أعضاء منظمة التحرير الفلسطينية عبر آلاف الأميال، وقررت الولايات المتحدة سحب قوات حفظ السلام، مما اعتبر انتهاكًا للاتفاق مع عرفات. تعرض الرئيس اللبناني بشير الجميل، المدعوم من إسرائيل، للاغتيال من قبل الأجهزة الأمنية السورية، مما أدى إلى مقتل آلاف الفلسطينيين في ضوء غض الطرف من القيادات الإسرائيلية.
تجددت الهجمات ضد القوات الأمريكية في لبنان، مما أدى إلى قتل أكثر من 300 جندي أميركي. وبعد عام من تلك الأحداث، أنهى ريغان التدخل الأمريكي في لبنان.
صعود حزب الله والتغيرات الإقليمية
تطورت الشبكات الإسلامية إلى تشكيل حزب الله، الذي أصبح مصدر تهديد لإسرائيل على مدار العقود الأربعة التالية. قدمت تلك الأحداث جزءًا من إجابة حول كيفية تحول العنف في الشرق الأوسط من هجمات متفرقة من قبل منظمات قومية علمانية إلى عمليات انتحارية جماعية نفذتها جماعات دينية.
الدروس المستفادة من التاريخ
في السبعينات، كان التركيز في الغرب على فهم أسباب التطرف العنيف قد تراجع. لم يعد القادة السياسيون مهتمين بتفاصيل الدوافع المحلية أو الظروف المحيطة، بل أصبح يُنظر إلى “الإرهابيين” على أنهم مجرد أشخاص مهووسين أو مغرر بهم. وفي الوقت الراهن، يظهر صدى مماثل مع مقترحات خطة ترامب والمنشورات حول تطلعات الفلسطينيين.
إن هذه الحلقات التاريخية تعيد تسليط الضوء على الدروس المستفادة من الماضي وتطرح تساؤلات حول إمكانية تحقيق سلام دائم بين الإسرائيليين والفلسطينيين.