تفجيران في عاصمتي الهند وباكستان يثيران التوتر في المنطقة
أحداث متتابعة
في حي مزدحم في العاصمة الهندية دلهي، قامت فرق الطب الشرعي بالتحقيق في حطام سيارة محترقة. وذلك بعد أقل من 24 ساعة، كان الهواء في خارج مجمع القضاء في إسلام آباد، يعج بأثَر الهجوم الانتحاري. الهجومان هما منفصلان ولا توجد أدلة تربط بينهما حالياً، ولكن التوترات السياسية الناتجة عنهما تذكّر العدوين التاريخيين في جنوب آسيا بالقضايا الأمنية المستمرة التي تلوح تحت السطح في جميع أنحاء المنطقة.
تُعد الانفجارات في عاصمتين محصنتين أمرًا نادر الحدوث، وقد وضع هذان الحادثان المسؤولين في الهند وباكستان وأفغانستان في حالة تأهب، مما قد يُعيد إشعال دورة من الشك واللوم بعد عام متوتر بالفعل للبلدان الثلاثة.
تفجيرات مميتة
بينما أسفر الهجوم الانتحاري في إسلام آباد يوم الثلاثاء عن مقتل ما لا يقل عن 12 شخصًا وإصابة 20 آخرين، وهو الهجوم الأكثر دموية على العاصمة الباكستانية منذ عقدين، وقع أيضاً انفجار للسيارة في منطقة تاريخية من دلهي، أسفر عن مقتل 10 أشخاص وإصابة أكثر من عشرة آخرين. وقد أعطت هذه المأساة السياسية الفرصة للأحزاب المتشددة في كلا من نيودلهي وإسلام آباد لزيادة الضغط المحلي على كل حكومة للتحرك بشكل حاسم.
تبادل الاتهامات
بدأت تبادل الاتهامات بشكل فوري. اتهم رئيس وزراء باكستان شهباز شريف، دون تقديم أدلة، “وكلاء الإرهاب الهندي” بالهجوم على إسلام آباد، زاعمًا أن الهجوم “كان مدعومًا من الهند” من الأراضي الأفغانية. عادت نيودلهي لترد على هذه الاتهامات، رافضةً ما وصفته بـ”الادعاءات اللامعقولة” كمحاولات لتشتيت الانتباه. من جهته، تعهد رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بالتحقيق مع “كل أولئك المسؤولين … أمام العدالة”.
في اليوم التالي، وصفت الحكومة الهندية الانفجار في دلهي بأنه “حادثة إرهابية”، نفذتها “قوى معادية للأمة”. ورغم عدم ذكر الهند لباكستان في حادث الانفجار، ظلت السلطات صامتة بشأن من يُحتمل أن يكونوا المسؤولين، وهو ما يعكس نمط الاتهامات المتبادل الذي يتكرر بعد الحوادث السابقة.
الأمن الضعيف
قالت فراوا عامر، مديرة مبادرات جنوب آسيا في معهد آسيا للدراسات السياسية: “إننا نشهد بيئة أمنية هشة بشكل متزايد عبر جنوب آسيا” مضيفةً: “لا يمكن لجنوب آسيا أن تتحمل المزيد من التصعيد؛ فالمنطقة تُحكم بهدن هشّة بلا حلول طويلة الأمد”.
في دلهي، وقع الهجوم قرب قلعة الحمراء الشهيرة، وهو معلم جذب سياحي. جاء هذا الهجوم بعد ساعات من اكتشاف الشرطة لآلاف الكيلوجرامات من المتفجرات في قرية في فريدآباد، المدينة الواقعة خارج نيودلهي، حيث تأكد مصدر شرطة فريدآباد للـ CNN بأن التحقيق جاري حول ما إذا كانت هذه المتفجرات مرتبطة بالانفجار قرب القلعة.
تداعيات محلية ودولية
تميزت كل من العاصمتين بكونهما محصنتين، وتاريخهما متجذر في الأمان، مما يُظهر كيف جاءت هذه الحوادث في لحظة حرجة من التوتر المتزايد. وفي إسلام آباد، وقع الانفجار في موقف السيارات لمجمع العدالة، الذي يعد منطقة يسكنها العديد من كبار المسؤولين الحكوميين.
في حين تعاني باكستان من عدم الاستقرار المستمر على يد المتشددين، فإن الهجمات بهذا الشكل نادرة. وقد تم إعلان “حالة حرب” بزعامة وزير الدفاع خواجة آصاف بعد الهجوم، الذي وصفه بأنه “إنذار” بشأن أفغانستان.
تزايد العنف والمخاطر الإقليمية
تشهد باكستان تزايدًا في أعمال العنف منذ سيطرة طالبان الأفغانية على كابول في عام 2021، مما فاقم من التوترات الحدودية التي تفجرت مؤخرًا في أسوأ اشتباكات شهدتها الدولتان منذ سنوات. بينما زعم المتحدث باسم طالبان الباكستانية (TTP) أن الجماعة لا علاقة لها بالهجوم، تتزايد المطالبات بإعادة تقييم سياستهم تجاه أفغانستان.
وفقًا لفهد هميون، أستاذ مساعد للعلوم السياسية في جامعة توفتس، يشير هذا العام إلى أنه “كان عامًا قاسيًا بشكل خاص” بالنسبة لباكستان وأفغانستان، بما في ذلك الخسائر في الأرواح بين الجنود الباكستانيين.
يحدث كل ذلك في سياق من الاتهامات المستمرة بين الهند وباكستان حول رعاية الإرهاب، مما يرجح خطر زيادة التوترات.
بينما يسعى كلا الطرفين إلى كشف الحقائق وراء الهجمات، يظل سكان دلهي وإسلام آباد في خضم الحزن وكارثة فقدان الأرواح، مُشيدين بأن الهجمات بهذا الشكل لم تعد مقتصرة على المناطق النائية، بل أصبحت تمتد إلى المدن الكبرى.