الضربات الجوية الهندية في باكستان: نجاح تكتيكي أم لفتة رمزية؟
خلفية الضربات الجوية
في ساعات الصباح الباكر من يوم الأربعاء، استهدفت القوات الهندية مجموعة من المواقع في باكستان، بما في ذلك مجمعات من المساجد والمدارس الدينية ومراكز المجتمع. هذه الضربات جاءت ردًا على هجوم مميت في باهالغال في كشمير الخاضعة للإدارة الهندية، والذي أسفر عن مقتل 26 سائحًا. وفي أعقاب الهجوم، تعهدت نيودلهي بالرد بحسم، ملقية اللوم على الشبكات المسلحة المدعومة من باكستان. وقد حدد المسؤولون الهنود الأهداف كمنشآت تدريب تعمل لصالح جماعتي “لشكر طيبة” و”جيش محمد”، اللتين تم حظرهما في باكستان.
تفاصيل الضربات
خلال اجتماع لجميع الأحزاب عُقد في نيودلهي، زعم وزير الدفاع الهندي، راجناث سينغ، أن أكثر من 100 إرهابي قُتلوا داخل باكستان كجزء من العملية التي أطلق عليها “عملية السندور”. بينما أفادت السلطات الباكستانية أن ما لا يقل عن 31 شخصًا قُتلوا في 26 ضربة هندية على ستة مواقع. ومع ذلك، تشير الأدلة الجديدة وتحليل الخبراء إلى أن الضربات الجوية الهندية استندت إلى معلومات استخباراتية قديمة، مما يثير الشكوك حول تأثيرها الاستراتيجي.
المواقع المستهدفة
استهدفت الضربات الجوية الهندية عدة مواقع في باكستان مرتبطة بجماعتَي “جيش محمد” و”لشكر طيبة”، وكلاهما لهما تاريخ طويل من العمل من المساجد والمدارس الدينية. في باهالبور، أحد أكبر المدن في إقليم البنجاب، تم استهداف مجمع مرتبط بمؤسس “جيش محمد” مسعود أزهر، مما أسفر عن مقتل 13 شخصًا، من بينهم عشرة من أفراد عائلته. وفي غارة أخرى، استهدف الطيران الهندي مبنى في مريدكي، الذي يبعد حوالي 40 كيلومترًا عن لاهور، والذي كان يُعتبر سابقًا مقر “لشكر طيبة”. قُتل ثلاثة أشخاص في هذه الغارة.
نتيجة الضربات وتداعياتها
على الرغم من حجم هذه العمليات، لم يتم تأكيد مقتل أي من المسلحين المعروفين، وتبين أن الغالبية العظمى من الضحايا كانوا مدنيين. وقد أكد محمد فاياض، عالم من لاهور متخصص في اتجاهات الإرهاب في جنوب آسيا، أن اختيار الأهداف يدل على أن الهند قد تصرفت استنادًا إلى تصورات قديمة عن ارتباطات الجماعات المسلحة بدلاً من معلومات الاستخبارات الحالية.
الغرض من الضربات
تشير بعض التحليلات إلى أن هذه الضربات قد تكون رمزية في الغالب، حيث تستهدف مواقع طالما كانت مرتبطة بالنشاطات المسلحة، على الرغم من عدم كونها ذات قيمة عملياتية حالية. ويعتبر البعض أن التصعيد الهندي يهدف إلى تعزيز روايتها حول دعم باكستان المزعوم للجماعات المسلحة أمام الجمهور الدولي، إلى جانب توحيد الدعم السياسي الداخلي.
السياق الجغرافي والسياسي
تنفي باكستان باستمرار دعمها للعنف في كشمير، ومع ذلك اعترفت أحيانًا بأنها دعمت الجماعات المسلحة في التسعينيات. وفي أعقاب الهجوم الأخير، جدد وزير الدفاع الباكستاني خوجة محمد آصف التأكيد على أن الجماعات مثل “لشكر طيبة” أصبحت الآن غير فعالة، مع وجود أعضائها إما قيد الاعتقال أو غير نشطين.
تغير المشهد
تشير الخبراء إلى أن الدعم الباكستاني لحركة المقاومة في كشمير بدأ يتغير خلال فترة حكم الجنرال برويز مشرف، الذي كان تحت ضغوط متزايدة من الولايات المتحدة بعد أحداث 11 سبتمبر. وفي عام 2002، قامت إسلام آباد رسميًا بحظر “لشكر طيبة” و”جيش محمد”.
خلاصة
على الرغم من أن الضربات الجوية الهندية قد تعتبر رسائل قوية وضرورية في نظر بعض السياسيين، إلا أن الخبراء يشككون في فعاليتها الاستراتيجية، مشيرين إلى أن الهند قد تعتمد على معلومات قديمة دون مراعاة للتغيير الحاصل في بيئة النشاطات المسلحة والمشهد الجيوسياسي في المنطقة.
لا يزال من غير الواضح كيف ستؤثر هذه الأحداث على التوترات المستمرة بين الهند وباكستان وكيف ستتطور الأمور في كشمير في ظل هذه الديناميات