تصاعد مجموعات المستوطنين شبه العسكرية واستراتيجيتها في الضفة الغربية
تصاعد الضغوط السياسية بعد الهجمات على الجيش الإسرائيلي
في الأسبوع الماضي، بعد أيام من مقتل ثلاثة رجال فلسطينيين على يد القوات الإسرائيلية أثناء تدخلها لحماية المستوطنين الذين هاجموا بقوة قرية كفر مالك الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة، اجتاحت موجة غير اعتيادية من الإدانة الساحة السياسية والإعلامية الإسرائيلية. لكن الغضب لم يكن موجهًا نحو قتل الفلسطينيين؛ بل جاء بعد أن قام المستوطنون بالاعتداء على الجنود الإسرائيليين. في ليلة الجمعة، هاجم مستوطنون، يشار إليهم عادةً في إسرائيل باسم “شباب التلال”، جنودًا في نقطة تفتيش قريبة من كفر مالك، شمال شرق رام الله. وفي اليوم التالي، اقتحم نفس المجموعة قاعدة عسكرية قريبة. تصرفت مجموعة كانت القوات العسكرية تسير معها في السابق كمرافقة لعمليات مكافحة الفلسطينين، الأمر الذي كان غير متوقع وغير مريح.
العنف المدعوم من الدولة
إن صعود الميليشيات الاستيطانية ليس ظاهرة جديدة. خلال المواجهات بين اليهود والفلسطينيين في مايو 2021، نفذت ميليشيات مستوطنين منسقة هجمات متزامنة على القرى الفلسطينية عبر الضفة الغربية. لا تعمل هذه الميليشيات بصورة عشوائية، بل ضمن إطار تنظيمي يضم مئات الرجال المسلحين. ما تغير هو الترسيم الظاهر لعملياتهم تحت الحكومة الإسرائيلية الحالية.
منذ تولي بتسلئل سموتريش، الذي يشغل أيضًا منصب وزير المالية، السيطرة على الإدارة المدنية في الضفة الغربية، يبدو أن هذه الميليشيات تعمل بشكل أقرب إلى هدف استراتيجي أوسع: توسيع السيطرة الإسرائيلية على المنطقة ج، التي تشكل حوالي 60% من الضفة الغربية، مما يعيق فعليًا إمكانية إقامة دولة فلسطينية مستقبلية.
إن أحد الملامح المركزية لهذه الاستراتيجية هو انتشار ما يُعرف بـ “مزارع الرعاة”، وهي نموذج استيطاني يسمح للمستوطنين بالاستيلاء على مساحات شاسعة من الأراضي بدون موافقة حكومية رسمية ودون مقاومة عسكرية. غالبًا ما تبدأ هذه المزارع بعدد قليل من المستوطنين، لكنها تمتد بسرعة عبر مناطق واسعة.
الحملات ضد الفلسطينيين
تسبب الهجمات الأخيرة على الجنود الإسرائيليين في جذب الانتباه مؤقتًا إلى هذه المجموعات، مما كشف عن حقيقة لطالما عانى منها الفلسطينيون: أن أجزاء من حركة الاستيطان تتطور لتصبح قوى منظمة عسكرية تسعى لتحقيق أجندة إقليمية بشكل متزايد.
تحت قيادة سموتريش، يتم الآن تقنين العديد من هذه المزارع. في الوقت نفسه، تزداد وتيرة الهجمات المنسقة ضد الرعاة الفلسطينيين والمجتمعات البدوية شرق طريق ألون، خصوصًا في وادي الأردن. يتضح الهدف من هذه الهجمات: طرد الفلسطينيين من المنطقة.
لسوء الحظ، لا يعتبر الصراع ضد الفلسطينيين شيئًا جديدًا، بيد أن الهجمات الأخيرة على الجنود الإسرائيليين قد سلطت الضوء على هذه المسألة.
التضامُن بين الحكومة والمستوطنين
على الرغم من إدراك الحكومة الإسرائيلية لهذه الصعوبات، فإنها تستمر في دعم الخطط الاستيطانية. يدرك سموتريش، الذي يعتبر أحد أكثر السياسيين كفاءة في إسرائيل، أن الاستيطان المتزايد ليس مجرد سلسلة من الهجمات المعزولة؛ بل هو جزء من جهوده الأوسع لإيجاد “حقائق على الأرض” لا يمكن عكسها في حال تغيرت الحكومة.
إن غياب العواقب القانونية أو السياسية الفعلية على عمليات المستوطنين العنيفة ضد الفلسطينيين، بالإضافة إلى تراجع حكومية إسرائيل في محاسبة الهجمات، يمثل تحديًا للعلاقة بين المستوطنين والجيش الإسرائيلي.
استنتاجات مرتبطة بالمستقبل
تبين أن النشاط المتزايد للمجموعات المستوطنين لا يقابله أي رد فعال من الحكومة، مما قد يؤدي إلى تفاقم الوضع. إن الاستمرار في استهداف الفلسطينيين دون عواقب ملموسة، في ظل الظروف الحالية، قد يمهد الطريق لمزيد من العنف والمواجهات في المستقبل.
تُظهر الأزمة الحالية أن القلق من تصرفات “شباب التلال” والتغييرات في الاستراتيجية العسكرية تثير مخاوف عميقة حيال الاستقرار السلمي في المنطقة، وتسلط الضوء على المنافسة المتزايدة بين الفصائل المتطرفة في وزارة الحكومة الإسرائيلية