جيل جديد من الشبان في ‘مدينة القمامة’ بالقاهرة: من فرز النفايات إلى إحداث تغيير بيئي حقيقي

الشباب المتعلمون في “مدينة القمامة” بالقاهرة: دافع للتغيير البيئي

التحول من التمريض إلى إعادة التدوير

عندما تخرج مينا ندي، البالغ من العمر 25 عامًا، بشهادة التمريض العام الماضي، توقع أصدقاؤه وعائلته أن يبدأ العمل في أحد المستشفيات المزدحمة في مصر. بدلاً من ذلك، اختار العمل في بيت أبيه المتخصص في إعادة التدوير في منطقة مانشيات نصر، المعروفة أيضًا ب”مدينة القمامة”. كل يوم، يقوم بفرز آلاف زجاجات البلاستيك، التي يجمعها فريق من الرجال الذين يتجولون في المدينة ليلاً، حيث يقومون بجمع النفايات، ومن ثم يفصلونها حسب اللون ويضغطونها في كتل كبيرة، استعدادًا لبيعها لإعادة التدوير.

دافع شخصي لحماية البيئة

ما دفع ندي للانخراط في هذا المجال لم يكن ضغط الأسرة، بل كان دافعًا حقيقيًا لمساعدة البيئة. يقول ندي: “التغير المناخي، تلوث البلاستيك، والميكروبوليمرات. الوعي يزداد بين الشباب في مصر”. ويضيف: “القاهرة لديها مشكلة نفايات، وأنا أعلم أن بإمكاني إحداث فرق هنا. بالنسبة لي، ليست قمامة، بل مصدر دخل وفرصة للحفاظ على نظافة مدينتي”.

دور مانشيات نصر في إدارة النفايات

تعد منطقة مانشيات نصر موطنًا لحوالي 200,000 شخص، معظمهم من المهاجرين من صعيد مصر منذ أربعينيات القرن الماضي. ومع تزايد عدد سكان القاهرة، الذي بات يبلغ نحو 23 مليون نسمة، تضاعف دور مانشيات نصر. تقوم هذه المجتمع، المعروف بـ”الزبالين”، بجمع حوالي 80% من نفايات المدينة.

مواجهة الوصمة المجتمعية

على الرغم من الدور الحيوي الذي تلعبه في الحفاظ على نظافة القاهرة، إلا أن مانشيات نصر قد عانت لعقود من وصمة عار اجتماعية. يتجنب معظم السكان في القاهرة المنطقة نظرًا للاكتظاظ بالنفايات الروائح الكريهة. غير أن جيلًا جديدًا، مثل ندي وإيريني إيدل، 29 عامًا، يسعى لكسر تلك الوصمة ورفع الوعي بأهمية إعادة التدوير.

زيادة الوعي بضرورة إعادة التدوير

خلال دراسته، كان ندي يعمل في إعادة التدوير جزئيًا لدفع الرسوم الدراسية، واهتم أصدقاؤه بهذا المجال وبدأوا يسألون الكثير من الأسئلة حول تقليل استهلاك البلاستيك. ويؤكد ندي أن “إعادة التدوير باتت شيئًا رائعًا للقيام به في مصر”.

التحديات البيئية في المنطقة

أثناء تفاقم التغير المناخي عالمياً، تشير الإحصائيات إلى أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تحتل أكبر حصة من تسرب البلاستيك في البيئة البحرية، الأمر الذي يعد تداعيات سلبية تهدد المستقبل.

الانضمام إلى الحركة البيئية

إيريني إيدل، التي انضمت مؤخرًا إلى “بلاستيك بانك”، تعمل مع فريق صغير ومعالجة حوالي 130 كجم من النفايات يوميًا. وتعد إيدل جزءًا من حركة مصرية متنامية تسعى لتحقيق التغيير البيئي.

الاستثمار في المجتمع

يظهر الشقيق الأصغر لمينا، ميخائيل ندي، البالغ من العمر 20 عامًا، والفخور بالعيش في مانشيات نصر، التغير الفكري بين الشباب، حيث يقول: “يحتفظ الأصدقاء بالاحترام لما أفعله”.

مستقبل مشرق

تعد الحياة في “مدينة القمامة” ذكرى مستمرة للتحديات المتمثلة في الإدارة البيئية، لكن جيل الشباب المثقف يسعى لتحقيق التغيير من خلال العمل الجاد والوعي البيئي. يتجهون نحو بناء مستقبل أفضل لمجتمعاتهم وأجيالهم القادمة.

Photo Credit: Photo by Pexels on Unsplash

Scroll to Top