اقتراب حل حزب العمال الكردستاني وتأثيراته على العلاقات التركية العراقية
تصاعد التطورات في الصراع الكردي التركي
حصلت تغيرات بارزة في العلاقة بين العراق وتركيا بعد أن قرب حزب العمال الكردستاني (PKK) من الإعلان عن حلّ نفسه. ووفقًا لتقارير وسائل الإعلام، يُتوقع أن يعلن الحزب قريبًا انتهاء صراعه المسلح ضد تركيا، استجابةً لدعوة الزعيم المسجون عبدالله أوجلان. يترقب الجميع كيفية تطور هذه العملية، التي قد تؤثر بشكل كبير على مستقبل أعضاء الحزب في جبال قنديل، المعقل التاريخي لحزب العمال الكردستاني في شمال العراق.
تداعيات الحل على الآليات السياسية الإقليمية
يشير قبول أوجلان إلى نقطة تحول في الصراع الذي دام عقودًا بين PKK وتركيا، ومن المحتمل أن يؤدي إلى تغييرات جذرية في علاقات أنقرة مع أربيل وبغداد. تأتي هذه التطورات في إطار صراع أوسع في المنطقة، حيث عانت إيران من ضعف نفوذ حلفائها بعد تطورات متسارعة بدأت بالحرب الإسرائيلية على غزة في أكتوبر 2023، تلتها أحداث أدت إلى سقوط نظام الأسد في سوريا.
على الرغم من أن تركيا ركزت على نزع سلاح حزب العمال بدلاً من خوض حوار ديمقراطي حول القضية الكردية، إلا أن هذه العملية تظل مهمة للغاية بالنسبة للحكومة العراقية. تاريخيًا، لم تعترف بغداد بمسؤولية حزب العمال الكردستاني المعقدة في الصراع مع تركيا، مُبينةً أن أربيل وأنقرة مسؤولتان عن التعامل مع هذه الجماعة المسلحة.
العمليات المتقاطعة والوجود العسكري التركي
اتجهت تركيا مؤخراً لتنفيذ عمليات عسكرية ضد PKK داخل العراق، مما أثار استياء الحكومة العراقية التي اعتبرت ذلك انتهاكًا لسيادتها. ومع اتباع سياسة “القضاء على الإرهاب من مصدره”، وسعت تركيا عملياتها الجوية لتشمل السليمانية وسنجار، وأنشأت العشرات من النقاط العسكرية داخل العراق. غالبًا ما يُنظر إلى الوجود العسكري التركي في العراق على أنه “احتلال”، وفقًا لتصريحات زعيم عراقي بارز وبعض القوات المسلحة العراقية المدرجة ضمن قوات الحشد الشعبي.
إذا تم التوصل إلى حل لصراع PKK، يتوقع مستشار الأمن الوطني العراقي قاسم الأعرجي أن تُطلب من جميع الجماعات المسلحة والقوات الأجنبية مغادرة العراق.
آفاق التطور الاقتصادي والسياسي
يمثل نزع سلاح PKK نهاية للتهديدات التي تواجه البنية التحتية، بما في ذلك مشاريع خطوط أنابيب النفط، وهو ما قد يؤثر إيجابًا على الاقتصاد المحلي، حيث بلغ حجم التجارة بين تركيا والعراق 20 مليار دولار. يُذكر أن PKK لطالما كانت تهديدًا لمشاريع التنمية الكبرى في العراق.
سيساهم حل حزب العمال الكردستاني في تحسين العلاقات بين الأحزاب الكردية في العراق، بما في ذلك الحزب الديمقراطي الكردستاني (KDP) والاتحاد الوطني الكردستاني (PUK). وهذا سيكون له أهمية خاصة بالنظر إلى الصراعات السابقة التي كانت قد أثرت سلبًا على القيادة الكردية العراقية.
مستقبل العلاقات الكردية
إن نزع سلاح PKK سيفتح مجالًا للحوار بين الجماعات الكردية، وقد يعزز موقف KDP في السعي نحو الوطنية الكردية، على الأقل في الأمد القصير. إلا أن التنافس الإيديولوجي بين KDP وPKK من الممكن أن يُبقي على الانقسام الحاد في السياسة الإقليمية.
التطورات الأخيرة تشير إلى إمكانية حدوث انفراج بين KDP وPUK، وبين أنقرة وسليمانية. في خضم العمليات العسكرية التركية ضد PKK، عبّر أحد السياسيين البارزين في السليمانية عن حماسهم لعملية نزع السلاح المرتقبة، مؤكدًا أن PKK أضرت بهم أكثر من تركيا.
سيُعتبر المضي قدمًا في هذه العملية حلاً لتخفيف حالة التوتر التاريخية التي كانت سائدة في المنطقة، لكن يعتبر التوازن الدقيق بين النفوذ الإيراني والتركي في العراق عاملًا سيكون مستمرًا في تشكيل السياسة الإقليمية في الأشهر والسنوات القادمة