أداء مُنسجم وواقعي في الفيلم المصري “معطر بالنعناع”
مقدمة حول الفيلم
تتميز أولى تجارب المخرج محمد حمدي كفيلم روائي طويل بأنه يمثل نوعاً فريداً من السينما المصرية، حيث يمكن وصفه بأنه فيلم “ستونر” مصري، أو كما لو كان “تشيتش آند تشونغ” ثنائي شعراء متمردين ومغتربين يتجولون في مدينة مدمَّرة. يستخدم الفيلم الحشيش كوسيلة لتخفيف الذكريات المؤلمة، عاكساً حالة اجتماعية معقدة تشهد آثار الربيع العربي، مما يمنحه طابعاً سحرياً واقعياً.
الشخصيات والقصة
تدور الأحداث حول شخصية “بهاء” الذي يجسد دوره علاء الدين حمادة، وهو طبيب متأثر، يعاني من الخسارة وفقدان الحب. يقدم لامرأة شكواها حول عدم قدرتها على إيقاف تجلّي ابنها المتوفي، ويمر مع صديقه “مهدي” في شقق متهالكة خلال تجربة ليلية تحمل بعداً نفسياً عميقاً. تجسد الأنقاض والعلاقات المفقودة إحساساً عميقاً بالفقد والانكسار، كافح من خلاله الأبطال بين الذكريات والحاضر.
الرموز واللغة الشعرية
تحتوي مشاهد الفيلم على حوارات طويلة تلتزم بالتقاليد الشعرية العربية، حيث يتداخل السخرية مع التعبير الفني. يمر الأبطال خلال محادثات تعكس فقدان الهوية والثورة الفاشلة، مما يُشعر المشاهد بالتأمل والحنين.
الأداء السينمائي
يظهر حمدي خلفيته السينمائية كمدير تصوير من خلال استخدام أساليب تصوير مبدعة، تتضمن لقطات متحركة وبيئات ضوئية تسهم في خلق جو مميز. التوتر البصري والموسيقية التداولية تجعل المشاهد ينغمس في تجربة الفيلم بأبعادها المختلفة.
الرسائل الرمزية
تعتبر الرمزية المتعلقة بالنَعناع مثيرة للفضول، حيث يظهر كعلامة على الانهزام والتدهور ضمن سياق مدني متآكل. ومع ذلك، تتطور هذه الرمزية نحو بصيص من الأمل مع اقتراب الفيلم من نهايته، مما يوحي بإمكانية التجديد في زمن الانكسار.
خلاصة
رغم بعض اللحظات الطويلة التي تضعف حركة الفيلم، يظهر حمدي براعة في تقديم أسلوب متجدد وحديث في التعبير عن القضايا الاجتماعية. يمثل فيلم “معطر بالنعناع” لحظة فارقة في السينما المصرية تعكس إعادة النظر في العوامل الاجتماعية والإنسانية في مرحلة ما بعد الربيع العربي