جعل الغرب عظيماً مرة أخرى
زيارة رئيسة الوزراء الإيطالية إلى واشنطن
أطلقت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني شعار “اجعل الغرب عظيماً مرة أخرى” خلال اجتماعها الأخير مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في واشنطن. كانت الزيارة متوقعة بشغف في وقت تتسم فيه العلاقات عبر الأطلسي بالتوتر، نتيجة لموقف ترامب غير التقليدي بشأن الحرب في أوكرانيا وقراراته بفرض رسوم جمركية مرتفعة على دول العالم، بما في ذلك الحلفاء. وقد أدت مواقف ترامب الصارمة بشأن أوكرانيا إلى تنبيه الدول الأوروبية الأعضاء في حلف الناتو، مما أثار فورة من الاجتماعات الهادفة إلى إعادة بناء استراتيجية الدفاع الأوروبية، بدءاً من فرضية أن مظلة الأمن الأمريكية لم تعد موثوقة. والنتيجة كانت خطة إعادة تسليح أوروبية قيمتها 800 مليار يورو.
ردود الفعل الأوروبية
تباينت ردود الفعل على الرسوم الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة؛ حيث سارع بعض الدول، مثل الصين، للرد، بينما كانت دول أخرى تسعى إلى إبرام صفقات مع البيت الأبيض. لم تغلق أوروبا الباب أمام المحادثات مع الولايات المتحدة، لكنها تزن أيضاً خيارات مضادة إذا لم يتم التوصل إلى تفاهم. شهدت الأسواق المالية تقلبات شديدة في ظل عدم الاستقرار في السياسات الأمريكية، والتي تتضمن إعلانات عن رسوم جديدة وتوقفات وإعلانات جديدة.
محادثات ترامب وميلوني
لا يزال ما تم مناقشته بين ترامب وميلوني بعيدًا عن الأضواء غير معلوم، لكن البيان المشترك أشار إلى أن ترامب قد قبل دعوة نظيره الإيطالي لزيارة إيطاليا “في القريب العاجل”، مما يشير إلى إمكانية وجود اجتماع أوروبي أمريكي رفيع المستوى في المستقبل. إذا التقى ترامب بغيره من المسؤولين رفيعي المستوى في الاتحاد الأوروبي خلال زيارته المقبلة إلى روما لحضور جنازة البابا فرانسيس، فإن زيارة ميلوني إلى واشنطن ستعتبر، في retrospect، نجاحاً كبيراً.
نظرة على “جعل الغرب عظيماً مرة أخرى”
تبدأ تساؤلات حول معنى فكرة “جعل الغرب عظيماً مرة أخرى”؛ ما الذي كان ترامب يقصده في بدايات استخدامه لهذه العبارة قبل عقد من الزمن؟ وما الذي كان يدور في ذهن ميلوني عندما وسعت طموحات ترامب لتشمل جميع الدول الغربية؟ الدور القيادي للغرب لم يعد يُعتبر أمراً مفروضًا، مما أثار مخاوف بين الدول الغربية.
مفهوم الغرب
يُعتبر الغرب بمثابة مفهوم سياسي حضاري أكثر من كونه جغرافياً، حيث يتمحور حول مجموعة من الدول المرتبطة بنظام “القاعدة العالمية” الذي تقوده الولايات المتحدة. وقد حل هذا المفهوم محل نظام القانون الدولي، الذي يتم التخلي عنه بشكل متزايد، مما يجبر الدول الغربية على مواجهة فشلها في تطبيق القانون الدولي دون تحيز، مع الوضع في الاعتبار الحالة في غزة كدليل بارز على ذلك.
ما الذي ينقص الغرب؟
إذا كانت قيم الغرب معترف بها على أنها ما يجعله عظيماً، فلماذا تسود هذه الحاجة المستمرة لـ “جعل الغرب عظيماً مرة أخرى”؟ ما الذي يوجد في الصورة الذهبية للغرب التي يعتبرها القادة الغربيون مفقودة؟ تظهر خطورة كبيرة أن “عظمة” الغرب أصبحت أكثر فأكثر دون جذور في القيم المزعومة، والتي تضعف بدورها فيما يتعلق بتطبيقها من قِبَل الشرائح الداعمة لها.
التحول نحو عالم متعدد الأقطاب
بينما ينشأ عالم متعدد الأقطاب ببطء، فإن الخيارات المتاحة لم تعد مقصورة على واحدة فقط. يبدو أن حقبة الغرب التي تقول “لا يوجد بديل” في تراجع، مما يعني أن الدور القيادي للغرب لم يعد مضموناً. هذه الحالة تثير القلق بين الدول الغربية، التي تشعر بأنها الوحيدة المخولة بقيادة البشرية، في حين يبدو أن الكثير من الدول الأخرى تنظر إلى خيارات أخرى.
هل يمكن للغرب أن يعود عظيماً؟
لعودة الغرب إلى عظمته، يجب عليه أولاً التخلي عن شعور التفوق. ثم عليه أن يبتعد عن الاستخدام غير المشروع للقوة، والعودة بدلاً من ذلك إلى “قوة المثال الجيد”. إن الضجيج الذي يروج له النخبة والوسائل الإعلامية الغربية حول المعركة الوجودية المزعومة بين الديمقراطية والاستبداد ليس سوى هراء – وهو جهاز بلاغي يستخدم لتخويف الناس العاديين، بينما تعمل على perpetuating سباق تسلح غربي جديد للصراع المستمر.
وجهات النظر المعبر عنها في هذه المقالة تعود للكاتب ولا تعكس بالضرورة السياسة التحريرية لموقع Middle East Eye